عندما شاهد المخرج «عباس كيارستمي» آثار الزلزال، اقترب من الموت وفهم فلسفة «عمر الخيام» التي تُثمن الحياة بمقاربتها للموت: «لكي تُقدِّر الحياة اقترب من الموت». وباقتراب «كيارستمي» من الموت، اكتشفت الحياة التي صوَّرها في عدد من أفلامه ومنها: «طعم الكرز» (1997)، و«وتستمر الحياة» (1992)، و«خلال أشجار الزيتون» (1994).
في فيلم «وتستمر الحياة» يبحث «كيارستمي» عن نجوم فيلمه «أين بيت الصديق؟»، وفي السياق نرى صبيًا يحاول تركيب هوائي التلفزيون ليشاهد إحدى مباريات كأس العالم رغمًا عن فوضي الزلزال المدمِّر. لكن فكرة الحياة التي تنمو على أنقاض الموت نجدها بشكل أعمق في فيلمه «طعم الكرز» The Taste of Cherry. موضوع الفيلم يُعبِّر في الظاهر عن اليأس والرغبة في الانتحار، لكن في عنوان الفيلم ومضمون القصة دعوة للتمتع بالحياة. وفي جماليات هذه الفكرة وبساطة تنفيذها تكمن أهمية الفيلم الذي حصل على جوائز عدة أهمها السعفة الذهبية من مهرجان كان Cannes 1997.
الولوج إلى اللغز
يُفتتح الفيلم بصور متفرقة للفقر والبطالة. المناطق التي يتجول فيها «بديع» بسيارته تقع خارج المدينة، في منطقة قاسية شبه خالية من السكان ويكثر فيها الحفارون. يقود «بديع» سيارته بحثًا عن شخص يساعده في خدمة، نظير مبلغ من المال. ستمر المشاهد الأولى دون أن يعرف المتفرج طبيعة الخدمة. يصعد إلى جانبه في السيارة أشخاص من قوميات مختلفة، جندي كردي شاب ثم طالب أفغاني. يحاول إغراءهما بالمال لكنهما يرفضان، ثم يعثر على ضالته أخيرًا في السيد «باقري»، تُركي عجوز يعمل في تحنيط الحيوانات في متحف الحياة الطبيعية.
يوافق «باقري» لأسباب، منها فقره، ومرض طفله، ثم إن له تجربة مماثلة وهي محاولته الانتحار وهو شاب، كما أن تعامله مع جثث الحيوانات يسهّل مهمته. اللغز ليس في قرار الموت الذي اتخذه «بديع» فقط ولكن في الدفن. هذه الفكرة الغريبة ستكون عتبة للولوج إلى فلسفة الحياة والموت. وسنكتشف أن «باقري» له طريقته الخاصة في ثني «بديع» عن قراره. من خلال «باقري» سينقل «كيارستمي» رؤيته للحياة المولودة من رحم الموت.
أسئلة الحياة والموت
في البداية ستسأل ما الذي يريده «بديع»؟! وبعد أن تعرف ما يريده من خلال حديثه إلى الجندي، سيبرز سؤال جديد: لماذا يرغب في الموت؟! هذا السؤال سيقودك حتى نهاية الفيلم، وبه يكمن التشويق. وقبل أن تتمكن من الإجابة ستقودك الأحداث إلى أسئلة أخرى: هل يرغب في الموت فعلًا أم أنه يختبر ردود أفعال الآخرين فقط؟! أم أنه متردد ويتخذ من رفض الآخرين دافعًا للحياة؟!
إزاء رفض دفن «بديع»، ستخطر في بالك صور استئجار قتلة يقتلون بدم بارد لقاء مبلغ زهيد من المال، وصورٌ أخرى للقتل اليومي لأسباب واهية. وهنا ستسأل: لماذا يكون سهلًا على الإنسان أن يَقتل نفسًا حية ويصعب عليه أن يَدفن جثة شخص قتل نفسه؟! هل دفْنُ جثة أصعب من القتل؟! هذا السؤال يطرحه «بديع» على أحدهم بأسلوب يجمع بين الاستفهام والاستنكار والاستغراب. يقول «بديع»: «أنا لا أريد أن أُعطيك بندقية لتقتلني، أنا أعطيك مجرفة!»
هل كان «بديع» يبحث عن شخص يدفنه أم عن شخص يثنيه عن قراره؟ وأي وسيلة هي الأفضل لإقناعه بالتراجع عن قرار الانتحار؟ الوعظ أم التوبيخ أم المقارنة بين الموت والحياة وترك قرار الموت بِيَد من يريد الموت؟
من يريد الانتحار لا يفكر كثيرًا بما سيحدث له بعد الموت، خلافًا لـ«بديع» الذي يقدِّم لنا حالة إنسان يرى أن جثته عورة، أو أنها وما بعد الموت أهم من الحياة ومن الموت نفسه. هذه الحالة تقودنا إلى أخرى ذات طابع روائي نجدها في شخصية «حجيزي» في رواية «منافي الرب» لـ«أشرف الخمايسي». «بديع» و«حجيزي» لا يخافان الموت، وعلى الرغم من أن «حجيزي» يبحث عن الخلود فإنه يخاف من الدفن، فدفْنُ الجثة يؤدي إلى تفسخها، وهو يريد لجسده أن يبقى سليمًا بعد موته. أما «بديع» فيخاف من أن تبقى جثته مكشوفة، ولذلك فهو حريص على أن تُوارى تحت التراب.
فلسفة الموت والحياة
يقف «بديع» مُجسّدًا للموت وسط مجتمع تبدو عليه علامات الحياة، في الظاهر. إقباله على الموت دون خوف هو نقيض ما يشعر به الناس في حياتهم اليومية، حيث الخوف من الموت ينغّص عليهم حياتهم. وبهذا يمثّل «بديع» محاولة الفرد في تغيير نظرة المجتمع للموت والحياة، فبدلًا من أن يكون الفعل البشري صنيعة هموم بشرية، أبرزها الخوف من الموت، كما يذهب «توماس هوبز»، يؤكد «كيارستمي» أن على الفعل البشري أن يكون مدفوعًا بحب الحياة.
من منظور علم النفس، تختزل «ميلاني كلين» كل المشكلات النفسية إلى عنصر واحد هو الموت: «كيف يمكننا أن نُشفى من الموت؟»1. والموت علاج لمشكلات الحياة، بحسب «نيتشه» و«سيوران». لكن هناك علاجًا أفضل هو حب الحياة. وهذا ما يقدّمه «باقري» لـ«بديع» من خلال حكاية الكرز، خلافًا للجندي وطالب الجامعة اللذين رفضا طلب «بديع» لدواعٍ دينية ولم يقدّما في المقابل دافعًا للتمسك بالحياة بقدر ما تَرَكّز جهدُهما على اللوم.
يحاول «باقري» استدراج «بديع» للحديث عن مشكلته، وحين يفشل في استنطاقه يقول: «المشكلة إما عائلية أو ديون»، ويضيف: «كل مشكلة ولها حل». حَجْبُ المشكلة، أو عدم ذكر سبب قرار «بديع»، وغياب أي خلفية اجتماعية أو أسرية عنه يعطي الأولوية لطريقة الحل متمثلًا في تجربة «باقري». وبما أن القصة لم تقدّم خلفية معرفية أو عقائدية عن «بديع»، فهذا يعني أنها ليست مهمة؛ فالبطولة ليست للشخصيات، بل للفكرة والموضوع وطريقة عرضهما. يمكن أن نجد مبررات الانتحار في غياب دوافع الحياة، فحين لا يوجد دافع للحياة لا يعود مهمًا ذكر دوافع الموت. وبما أن الفيلم ينتهي نهاية مفتوحة، يبقى الانتحار مجرد فكرة قابلة للمراجعة.
يعرض الفيلم لثنائية الحياة والموت. يظهر الموت في الواجهة ومن خلال الحوار، بينما تكشف الصور الصامتة ذات اللون الترابي عن جوانب متعددة لحياة يغلب عليها الفقر وقسوة الطبيعة. صور تُلمِّح إلى أن البؤس لا يكفي للتفكير في الموت. ويظهر الكرز كاستثناء، أو كشجرة متخيَّلة في الجنة، من خلال طعمه الذي منع «باقري» من الإقدام على الانتحار وهو شاب.
ليس السؤال: لماذا يفكر «بديع» في الموت؟ السؤال الضمني، والمركزي برأيي، موجه للمُشاهد وهو: لماذا تعيش؟ في هذا السؤال تكمن الحياة، والحياة كما قال «سيوران»: «هدية يقدّمها للأحياء أولئك المهووسون بالموت». والمهووسون بالموت -خلافًا لما هو شائع- ليسوا متشائمين، فبحسب «سيروان»: «لا ينتحر إلا المتفائلون، المتفائلون الذين لم يعودوا قادرين على الاستمرار في التفاؤل. أما الآخرون، فلماذا يكون لهم مبرّر للموت وهم لا يملكون مبرّرًا للحياة؟»
طرق الحياة ورمزية الكرز
نواة الفيلم -أو مفتاحه- تكمن في المشهد الذي يرشد فيه «باقري» «بديع» إلى مكان عمله عبر طريق ترابي ملتوٍ وطويل. تم تصوير المشهد عن بُعد، بلقطة عامة كبيرة وعدسة «تيلي»، لنتمكن من رؤية التواء الطريق وتقاطعاته. يمكن أن نرى في مواصفات الطريق -كما توضحه الصور، وكلام «باقري» عنه- رمزًا لمنعطفات الحياة وخشونتها. وعند مفترقها ينبغي للإنسان أن يعرف أي طريق يسلك. وهذا ما يفعله «باقري» وهو يوجّه «بديع»، بحكم عمره وتجاربه، خصوصًا تجربته مع الموت.
مدة المشهد ربع ساعة، يبدأ في الدقيقة الثامنة والخمسين ويستمر حتى الدقيقة الثالثة عشرة بعد الستين. يستحوذ «باقري» على الخطاب في المشهد، و«بديع» شبه صامت. واللافت أننا نسمع صوت «باقري» في أول ثلاث دقائق، قبل أن تظهر صورته. ولظهور صوته أولًا دلالة على أولوية ما سيقوله، بينما تنقل الكاميرا صورًا هي بمثابة توضيح مرئي لما نسمعه.
تصل السيارة إلى مفترق طريقين فيقول «باقري» لـ«بديع»: «استدر يسارًا من فضلك». يرد «بديع»: «أنا لا أعرف هذا الطريق». فيقول «باقري»: «أنا أعرفه، إنه أطول لكنه الأجمل». وحين يبلغان تقاطع طرق (على شكل حرف إكس X) يطلب «باقري» من «بديع» أن يتجه يمينًا. مجموع عدد كلمات يسار ويمين هي 7 وتتخذ المسار التالي: يسار - يسار - يمين - يمين - يمين - يمين - يسار، وكأن الحياة طريق ملتوٍ وعلينا أن نتعامل معه وفقًا لمنعطفاته، يمينًا ويسارًا.
يستعرض «باقري» في خطابه كل أشكال الإقناع المختلفة. يخبر «بديع» عن محاولته الانتحار وهو شاب وكيف ذكّره طعم الكرز بحلاوة الحياة: «الحياة مثل قطار يتقدم للأمام إلى أن يصل إلى خط النهاية. الموت حلٌ بالطبع، لكن ليس وأنت شاب. فكِّر بطريقة صحيحة وستكتشف أنك على خطأ، من المهم أن تفكر بعمق». ثم يسأله: «هل ستستسلم لطعم الكرز؟»
ويرسم لوحة فنية يصور فيها متع الحياة:
«إذا ما نظرت إلى الفصول الأربعة، كل فصل يحمل ثمرة. هناك ثمار في الصيف وثمار في الخريف أيضًا، وثمار الشتاء مختلفة وكذلك ثمار الربيع. لا يوجد أُم تملأ برادها بمثل هذه الثمار المتنوعة لأطفالها. لا يوجد أم تقوم بهذا من أجل أطفالها كما يقوم به الله من أجل مخلوقاته. تريد أن ترفض كل ذلك؟ تريد أن تتخلى عن كل ذلك؟ تريد أن تتخلى عن طعم الكرز؟»
ثم يلجأ لأسلوب التسلية، فيحكي له نكتة عن تركي ذهب لطبيب شاكيًا: «عندما ألمس جسمي بإصبعي أشعر بالألم، عندما ألمس رأسي وسيقاني، بطني، يدي، أشعر بالألم. قام الطبيب بفحصه وقال له: "جسمك سليم، لكن أصبعك هو المكسور"». هذه النكتة لا تُضحك «بديع»، يظل محافظًا على التعبير الجامد، المحايد، على وجهه طيلة الفيلم، بما يعني أنه قد مات روحيًا ولم يتبقَ سوى دفن جثته. النكتة ليست وسيلة للضحك فقط، بل للتفكير أيضًا، وهي هنا تلخِّص جوهر ما يعاني منه «بديع». يستنتج «باقري»: «أنت لا تعاني من شيء، ولكن وجهة نظرك هي المريضة».
ويختم خطابه بأغنية تركية، لتكون بمثابة وسيلة إغراء أخيرة، تحمل إشارة إلى أهمية الموسيقى. أغنية تمجد الحياة وتُصوّرها على أنها صديقة تُكِنُّ للإنسان الحب، فمهما فعل ستظل صديقته.
خطاب «باقري» يضع «بديع» أمام خيارين: الاستمرار في طريق الحياة وتجريب كرزها، أو أن يسلك طريق الانتحار. والنهاية المفتوحة تشير إلى أن «بديع» لم يتخذ قرارًا. وعلى الرغم من أنه يتفق مع «باقري» على القدوم صباحًا، فإن رجوعه إلى مقر عمل «باقري» وتنبيهه كي يهزه وأن يقذفه بحجرين قبل أن يدفنه، يدل على تردده وعلى ترجيح احتمال اقتناعه بما قاله «باقري» بقدر ما يدل على خوفه من أن يُدفن حيًا.
ومن العلامات التي ترجّح ذلك حوارهما التالي:
- بديع: «ماذا ستفعل عندما تأتي في الصباح؟»
- باقري: «سأحضر عند الفجر وأناديك وأنت تجيب، ثم آخذ يدك لمساعدتك».
- بديع: «وإذا لم أجب؟»
- باقري: «ستجيب بإذن الله، أعرف ما أقول».
- بديع: «لكن ماذا لو لم أُجبك؟»
- باقري: «سأفعل ما طلبت مني فعله».
- بديع: «قل لي ماذا ستفعل؟»
- باقري: «بعض الأشياء فعلها أسهل من قولها».
- بديع: «سأراك عند السادسة صباحًا».
- باقري: «إن شاء الله ستراني أنت أيضاً».
يكشف الحوار ثقة «باقري» في أن «بديع» سيعيد التفكير في قرار الانتحار. ولكي يعطيه فرصة للتراجع يرفض أخذ المال، وفي ذلك تلميح إلى ثقته في أنه سيغير رأيه. ومن علامات اقتناع «بديع» بكلام «باقري» أن هذا الأخير يحثّه على الكلام طوال الطريق لكن «بديع» يظل صامتًا، وصمته يشير إلى عدم الاعتراض.
البساطة والتعقيد
من بساطة الأسلوب، لا تعقيده، تنتج أعظم الأعمال. هذا ما لن يظهر في الثلث الأول من الفيلم. ومع ظهور «باقري»، وحكاية طعم الكرز، أشرق الفيلم بتداعيات الفكرة البسيطة وفتح أبوابًا للتأويل. تُذكِّرنا هذه البساطة برواية «انقطاعات الموت» لـ«خوسيه ساراماجو»، التي يقوم فيها السرد على تداعيات التوقف عن الموت.
تكمن بساطة الفيلم في أن مضامينه أو «فكرة المخرج» تظافرت فيها ثلاثة عناصر رئيسة هي: تفسير السيناريو -وبرز فيه رؤيةُ المخرج وصوتُه المميز- وإدارة الممثلين التي تجلت في الأداء العفوي، واختيارات الكاميرا، الخالية من الاستعراض أو إبهار الصورة، وعنصر أخير هو غياب الموسيقى التصويرية.
النهايات الصعبة: نهاية القصة ونهاية الفيلم
تَوَقُع نهاية لقصة الفيلم أمر صعب، ولذلك اختار لها «كيارستمي» النهاية المفتوحة. تنتهي القصة بلقطة للسماء وهي تتحول إلى اللون الداكن. «بديع» ممدد في الحفرة (القبر) وينظر إلى سماء ملبدة بالغيوم -والغيوم قد تكون بشيرًا بهطول المطر، وبداية واعدة لحياة بِذْرتها «بديع»! أضاف «كيارستمي» خاتمةً ملحقةً ظهر فيها مع فريق العمل. هذا المشهد الإضافي يكشف عن رسالة يوجهها المخرج للمُشاهد: مهمتي انتهت، لقد كنا نصنع فيلمًا، فماذا أنت صانع بحياتك؟!
ينتمي ظهور «كيارستمي»، والممثل الذي أدى دور «بديع» (همايون إرشادي)، في ختام الفيلم، إلى ما يسمى «نظرية بريخت» في التغريب، وهي «تقنية محددة -طريقة في التمثيل، في حركة الممثلين وتكلمهم، وفي الديكور نفسه- تأخذ بكسر (الوهم)، وتذكير المتفرج بأن ما يراه، على المنصة، ليس الحياة، وإنما هو مسرح، كذبة، استعراض. وعليه، مع ذلك، أن يستخلص نتائج وتعاليم تقوده إلى العمل، من أجل تغيير الحياة»2.
ولأن قصة الفيلم تعتمد على قوة الإقناع وتضييق المسافة بين الوهم والواقع، فقد كانت تلك الخاتمة الملحقة ضرورية من أجل كسر التوقع أو الإيهام وإحالة المُشاهد إلى الحياة، وبهذا الظهور يحل «كيارستمي» محل السيد «باقري»، ويحل المتفرج محل السيد «بديع». وستكتشف أن الفيلم يطرح أسئلة ولا يقدم إجابات، يقذف بالكرة ويترك لك المرمى لتسدد الهدف.
إنه عن حكاية يصعب إنهاؤها مثل صعوبة إنهاء الحياة بشرب حبوب المنوم، وكأن النهاية المفتوحة رمز لما نُقبل عليه كل يوم. إن حياتنا استعداد للموت، نتزوج وننجب لنعثر على أشخاص أوفياء يتولون دفننا، نحفر قبورنا بأيدينا عندما ننام، وفي الصباح لا بد من مخرج.
بهذه النهاية يضع المخرج فيلمه بين يديك ليقول: لقد صار فيلمَك الآن فاصنع له خاتمة تناسبك. توقعتُ شخصيًا نهايةً أخرى للفيلم: يأتي «باقري» في الصباح ليجد «بديع» ممددًا في الحفرة. ينادي عليه ثم يهزه، كما أخبره «بديع»، فيكتشف أنه ما زال على قيد الحياة. يأخذ بيده ويصعدان من الحفرة ثم يعطيه «بديع» المال لوفائه بالوعد. لكن هذه النهاية السعيدة، أو أي نهاية ستقترحها، تصب في صالح النهاية المفتوحة التي اختارها «كيارستمي»؛ فالحياة ليست حياة «بديع»، إنها حياتك التي لم تنتهِ بعد، وأنت وحدك تملك أن تجعلها سعيدة، إن وجدتَ كرزها وتذوقتَ طعمه الحلو.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:الهوامش
1. آذر نفيسي: أشياء كنت ساكتة عنها، منشورات الجمل، ص 53.
2. ماريو بارغاس يوسا: رسائل إلى روائي شاب. ترجمة: صالح علماني، المدى 2005، ص 29-30.