يعقوب الفرحان : عن رحلته من عالم السينما السعودية إلى مشاركته في مهرجان «كان» السينمائي، خلال لقاء خاص مع منصة «ميم»

آلاء حسانين
و
February 5, 2025

بدأ يعقوب الفرحان رحلته مع التمثيل في مسرح جامعة الملك عبد العزيز في جدة عام 2007، كما عمل أيضًا في جمعية الثقافة والفنون، التي تنتشر فروعها في جميع أنحاء المملكة، مما أتاح له التعرف إلى مجتمع المسرح من خلال هذه الجمعيات. يقول يعقوب: «دائمًا كانت هناك حركة فنية في المملكة، ليس مثلما يُقال بأنها كانت مطموسة تمامًا، ففي جمعية الثقافة والفنون وُجدت مجتمعات المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، ولذلك كان هناك نشاط حتى لو لم يكن بالضرورة ظاهرًا، وكان الفنانون العرب يأتون من خارج المملكة للزيارة».

وعن حبه للمسرح والسينما يقول يعقوب: «المسرح والسينما فنون قائمة بحد ذاتها وأُفضّلها على التلفاز، لأنها تمتلك الأصالة، وهذا ما لا أجده في التلفاز. وقد اضطُررتُ للعمل في التلفاز حتى أُصبح قادرًا على تسويق نفسي بوصفي ممثلاً، ففي عام 2012 اشتغلت في عملين في التلفاز ولاقيا نجاحًا كبيرًا، لكن رغم ذلك وددت دائمًا العمل في شيء أقدمه من كل قلبي، ولم أرد الغرق في الأعمال التلفزيونية حتى وإن لم أكن ضدها، فالناس أحبوني وعرفوني أكثر من خلال الأعمال التلفزيونية، لكني سأفضّل دائمًا الدراما والمسرح والسينما، فإن السينما شيء أكثر شخصية من التلفاز، أكثر أصالة وصدقًا. أكرر بأنني لست ضد العمل في التلفاز، فقد ساعدني على بناء قاعدة جماهيرية، لكن ما أحرص عليه هو عدم الانزلاق فيها، فبعد كل عمل تلفزيوني أعمل على العودة إلى المسرح والسينما، وأحرص على الموازنة وأخذ الجمهور معي إلى تلك المنطقة».

بالنسبة إلى الأعمال الفارقة في مسيرته الفنية يقول يعقوب: «في كلٍ من المجالات الثلاثة، هناك أعمال أثّرت بشكل كبير في مسيرتي، ففي المسرح، كان هناك عرض مهم في افتتاح سوق عكاظ عام 2009، وهو مسرحية عن زهير بن أبي سلمة، أحد شعراء المعلقات قبل الإسلام. كانت هذه المسرحية الكبرى قد عُرضت في الطائف. أحببت هذا العمل كثيرًا لأنه جمع بين الشعر والفن، كما أتاح لي العمل مع أشخاص أحبهم كثيرًا، كما فزت بعدة جوائز كأفضل ممثل. وكذلك مسرحية "حكاية لعبة" كانت من أجمل النصوص التي قرأتها في تلك الفترة وكانت من كتابة عبد الله الزين وأخرجها يزيد الخليفي، وكانت من بطولتي أنا ومحمد مقبل وأحمد علامة وعبد الله السنوسي.

«وفي التلفاز، سأختار بالطبع مسلسل "رشاش". تلقيت كثيرًا من الإطراء على أدائي من أناس داخل وخارج المملكة، وقد حقق العمل شهرة واسعة وأحبّه كثيرون، كما أحببت مسلسل "حب بلا حدود" من إخراج مجتبى سعيد، وهو مخرج سينمائي بارع. أحببت القصة والفريق، فقد عملت مع عدد من النجوم الذين أُحبهم وأُقدّرهم. أما بالنسبة إلى الأفلام، فكل عمل شاركت فيه يحتل مكانة خاصة في قلبي بغض النظر عن النتيجة النهائية. أقدّر كثيرًا جميع الأشخاص الذين ساهموا في هذه الأفلام. أذكر خصوصًا فيلمَي "نورة وسيدة البحر" لشهد أمين و"القيد" مع حسام الحلوة، وهو أول مخرج عملت معه في فيلم قصير بعنوان "شقة 6"، وقد لاقى هذا الفيلم صدى جميلاً. كما عملت أيضًا مع عبد العزيز الشلاحي في فيلم "المسافة صفر"، الذي عُرض على نتفليكس». يُذكر أن فيلم "قيد" هو الفيلم الجديد القادم ليعقوب الفرحان وقد تم تصويره في «نيوم» مع «تلفاز» وسيخرج نهاية هذه السنة.

وعن تجربته في العمل في فيلم «نورة» والتحديات التي واجهها أثناء العمل يقول يعقوب: «فيلم "نورة" أحد الأفلام الخاصة جدًا بالنسبة لي، فإن توفيق الزايدي من أقدم أصدقائي في المجال، فنحن نعرف بعضنا منذ خمسة عشر عامًا، وفي تلك الفترة كانت الأمور مختلفة تمامًا. لكن من العجيب أن توفيق كان دائمًا يردد بأننا سنعمل على فيلم معًا وسيذهب إلى "كان"، وقد تشاركنا دائمًا هذا الحلم.

وأضاف:«كنت أنا وتوفيق نجتمع لمشاهدة الأفلام معًا، مثل أفلام الموجة الفرنسية وغيرها، فقد حاولنا أن نمر على عديدٍ من الأفلام، ونحن نتشابه في شعورنا تجاه الأفلام، وهو أكثر مخرج عملت معه يجمعني به حب الأفلام، كما أننا نشترك أيضًا في التجربة الحياتية، لذلك كان هناك تفاهم كبير بيننا والتواصل كان عاليًا جدًا، فهو ليس مضطرًا لشرح عديد من الأمور بالنسبة لي.

وفي 2018 ذكر لي فكرة فيلم "نورة" لأول مرة وقد أبهرتني الفكرة. دخل توفيق في مرحلة الكتابة وأخذ وقتًا طويلاً لأنه يحب عمل كل شيء بنفسه، وكان دائمًا يشاركني التطورات حتى جاء وقت التصوير. في 2020 صورنا الفيلم في "العلا" وكانت تجربة الفيلم ساحرة، فقد كنا محظوظَين بفريق رائع. ومن أذكى الأشياء التي عملها توفيق في الفيلم هي فكرة الأجيال، فهناك جيل عبد الله السدحان وجيلي ثم جيل ماريا التي صورت الفيلم عندما كان عمرها خمسة عشر عامًا فقط، كما وُجد أيضًا جيل الأطفال. وكل جيل يمثّل مرحلةً ورؤيةً وحضورًا خاصًا ونظرةً للحياة، وهذا الشيء كان واضحًا.. أن هذه الأجيال متداخلة وتكمل بعضها، فهذا التداخل يشكّل جمال الفيلم والحياة. وبالنسبة إلى الاستعدادات للدور في فيلم "نورة" فالغريب هو أنني لم أشتغل كثيرًا لأننا كنا قد تكلمنا كثيرًا أنا وتوفيق عن الفيلم والشخصية، ولذلك عندما جاء وقت التصوير كنت مستعدًا بشكل كبير، وأذكر أنه قبل تصوير الفيلم بشهرين أرسل لي توفيق مجموعة أسئلة أجاوبها بصوت "نادر" شخصية الفيلم فأجبت عنها في جلسة واحدة، من شدة ما أعرف نادر ومن كثرة ما امتزجتُ به وعشتُ وتماهيتُ معه طوال الوقت. لذلك لم يكن هناك تحدٍّ كبير، كما أن توفيق -أثناء كتابة الفيلم- قد وضع جزءًا مني في الشخصية، ولذلك أقول بأننا عشنا مع الشخصية لوقت طويل».

أما عن تجربة العمل مع الممثلَين عبد الله السدحان وماريا البحراوي فيقول يعقوب: «وجود توفيق لقيادة العملية كان مهمًا، فقد عمل على جمعنا معًا. أنا أعرف أبو تركي (عبد الله السدحان) من قبل وهو إنسان في غاية اللطف وفي أيام التصوير كان أحيانًا يقوم بعمل الفطور لنا، وعلاقتي به من البداية تحمل شعورًا كبيرًا بالتقدير من جهتي ومن جهته كان هناك شعور مماثل، كوني من الجيل الذي أتى بعده، وانعكست هذه الكيمياء على وجودنا في الفيلم، وما حدث مع ماريا يشبه ذلك تمامًا، فقد كانت آخر شخص انضم إلى العمل، فقد انضمت قبل التصوير بأسبوعين فقط، لكن الجميع حرص على احتوائها حتى تشعر بالارتياح وتحافظ على العفوية والبراءة التي تمتلكها، وقد كانت هذه العفوية مهمة للغاية في الفيلم ولشخصية نورة، وعندما قابلناها شعرنا جميعًا أنها خُلقت من أجل هذا الدور، فقد كانت جاهزة تمامًا رغم أنها أول تجربة لها، فإن فريق العمل كان على قلب رجل واحد وكان التواصل حقيقيًا وإنسانيًا بحتًا، ولذلك كان كل شيء سهلاً».

وعن الأدوار التي يتمنى تأديتها في المستقبل يقول يعقوب: «الشيء الذي أحاول فعله حاليًا هو التركيز أكثر على موضوع الكتابة وأن أعرف كيف وأين أضع نفسي. هناك دائمًا هذا الهم، ولذلك طوال الوقت أريد أن أكون قريبًا من نفسي ولا أريد أن أفقدها، وهذا هو ما يشغلني حاليًا. وأحاول أيضًا أن أكون قريبًا من الصنّاع السعوديين، فأنا أشعر بأننا نصنع موجة حاليًا، وأعرف أن هناك كثيرين من الموهوبين أصحاب الأفكار العظيمة وأود أن أكون قريبًا منهم حتى نقدّم شيئًا يخرج من قلب السعودية إلى العالم، وأريد أن آخذ النجاح والأضواء حتى ترى مشروعات كثيرة النور وحتى أساعد كثيرين من الفنانين أن يأخذوا المكانة التي يستحقونها. هناك أيضًا الرغبة في العمل مع الصناع العرب مثل كريم الشناوي وأمجد أبو العلا، فهما صديقين قديمين، كما أنني حريص على التواصل مع جيلي ومعرفة ماذا سيقدمون لأننا -بوصفنا جيلاً واحدًا- يمكن أن نلهم بعضنا».

وبالنسبة إلى المشاركة في مهرجان «كان» يقول يعقوب: «أظن أن أجمل شيء يمكن أن يحدث لأي ممثل هو الوصول إلى مهرجان "كان" وشعوري كان مضاعفًا لأنني كنت مشاركًا في صناعة الفيلم منذ اليوم الأول».

الهوامش:

اشترك في النشرة البريدية

احصل على أحدث المقالات والأخبار مباشرة في بريدك الإلكتروني
تم إضافتك ضمن النشرة البريدية, شكرًا لك!
نعتذر حدث خطأ, الرجاء المحاولة مرةً أخرى