منذ خمسينيات القرن العشرين بدأ المجتمع الغربي بالدخول في مرحلة كبيرة من التغيرات بتحوله التدريجي إلى مجتمع استهلاكي يرتكز اقتصاده على التبادل السلعي. بدأت هذه العملية تتقدم بخطوات واسعة بعد الحرب العالمية الثانية، وازدادت كثافة في أسواق الثمانينيات التي تخلصت من التدخل الحكومي في الاقتصاد ويحركها الائتمان، «فالنقود تحولت من رمز يُستخدم لتمثيل الأشياء المادية لتصبح قابلة للتبادل إلى تمثيلها كغاية في حد ذاتها داخل اقتصاد السوق». في ظل هذه الحالة بدأ وضع المعرفة يتغير مع دخول المجتمعات إلى ما يُعرف بالعصر ما بعد الصناعي، ودخول الثقافات إلى ما يُعرف بالعصر ما بعد الحداثي. بدأت المعرفة تفقد قيمتها الاستعمالية لصالح القيمة الاستهلاكية، حيث لم تعد هي غاية في حد ذاتها، فإنها تُنتج لكي تُباع، وتُستهلك لكي تُقيَّم في إنتاج جديد، وفي كلتا الحالتين فإن الهدف هو التبادل السلعي. وفي الإطار الاجتماعي نجد أن الإنسان في الوضع ما بعد الحداثي يخضع للتشكُّل في ظل نطاق عريض من أوضاع التبعية التي يتحرك عبرها بسهولة نسبية، مما يجعلنا جميعًا مزيجًا من المواقف المتعلقة بالجنسانية والجنس والجيل والإقليم والعرق والطبقة.
يصعب الحديث عن تعريف دقيق لحركة «ما بعد الحداثة» ومتى بدأت وإلى من يعود المصطلح. يُشار أحيانًا إلى كتابات توينبي في الخمسينيات باعتبارها أصلاً لهذا الاتجاه، لكن لنكن أكثر وضوحًا وتحديدًا حول اتفاق كثيرٍ من المُنظِّرين على أنها حركة فنية بالأساس، انطلقت من فن العمارة وشملت بالتدريج بقية الفنون الأخرى، وتتضمن في داخلها «مجموعة من التطورات في الفلسفة الحديثة، التي انبثقت مباشرة مما أصبح يُعرف بالتحول اللغوي. أما في علم الاجتماع، فإن المصطلح يشير إلى أن العالم الاجتماعي قد شهد تحولات جذرية وأساسية».
يقف فريدريك جيمسون على أربعة مواقف عامة من ما بعد الحداثة، منها موقفان يُمثِّلان نوعًا من الوعي التاريخي بها ويهدفان إلى القطيعة، والموقفان الآخران ضد مبدأ القطيعة التاريخية ويعيدان طرح السؤال عن موقف ما بعد الحداثة:
الموقف الأول مناهض للحداثة (ضد الحداثة - مع ما بعد الحداثة) ويتمثل في الجيل الأقدم من المنظرين، وبالأخص إيهاب حسن، وقد تناولوا الجمالية ما بعد الحداثية في علاقتها بموضوعات تنتمي إلى ما بعد البنيوية، ولم تكن تسمية ما بعد الحداثة شائعة بعد، لكن التعامل معها كان بمثابة طريقة جديدة تمامًا في التفكير والوجود في العالم، ونرى هذا على نحو أكثر راديكالية على المستوى الجمالي والسياسي عند توم وولف.
الموقف الثاني هو ضد ما بعد الحداثة - مع الحداثة، ومن أهم ممثليه المنظِّر الألماني يورغن هابرماس. يؤكد هابرماس على قيمة الحداثة العليا رافضًا نظرية ما بعد الحداثة وممارستها، وقد عبّر عن هذا في محاضرته «الحداثة مشروع لم يُنجز»، حيث يرى أن التخلي عن قيم عصر الأنوار الليبرالية هو خطيئة ما بعد الحداثة التي تضعهم -في نظره- ضمن «المحافظين الجدد».
يحاول هابرماس تعميم النتائج التي توصَّل إليها كل من ماركس وفرويد في مشروعاتهما التي تعمل على «إزالة الوهم» ضمن نظرية أكثر شمولاً، وتُعدُّ هذه نقطة الخلاف الأكبر بينه وبين ليوتار، حيث يرى ليوتار أن هابرماس لا يقدم سوى ميتا-حكاية أخرى أكثر عمومية وتجريدًا من ميتا-حكايات ماركس وفرويد وهي «حكاية التحرر»، في حين يرى هابرماس أن هذا الإجحاف في إنكار الميتا-حكايات يصر على أن «إزالة الوهم» لا معنى لها، وأنه يُفقدنا المعيار للتمييز بين ما هو موهم وما هو ليس كذلك، بين المقاربة النظرية والأيديولوجيا، وهو ما يفرض علينا التخلي عن الفكرة الموروثة من عصر الأنوار في نقد عقلاني للمؤسسات الموجودة، لأن العقلاني يكون قد انتهى حينئذ.
الموقف الثالث لا يدعم فكرة القطيعة التاريخية، لكنه يحفز الموقف ما بعد الحداثي ويُعدُّ جان فرانسوا ليوتار من أهم ممثليه. يعرِّف ليوتار ما بعد الحداثي بأنه «التشكك إزاء الميتا- حكايات»، وهي الحالة التي فرضها التقدم في العلوم والتكنولوجيا والأزمة الكبيرة في الفلسفة الميتافيزيقية، ويقترح ليوتار مصطلحًا أخف لما بعد الحداثة وهو «إعادة كتابة الحداثة»، كما أطلق عليها عديد من المفكرين «الحداثة البعدية»، ومن خلال هذا التعريف تظهر لنا ما بعد الحداثة بوضوح، كونها «الحداثة [الـ]سافرة، الحداثة [من] دون مساحيق و[من] دون أوهام».
الموقف الرابع يقف موقفًا سلبيًا من الحداثة ويرفضها رفضًا أيديولوجيًا باعتبار أن الأشكال الحداثية مجرد نسخ لتشيؤ الحياة الاجتماعية الرأسمالية، ويرى أن ما بعد الحداثة مجرد تدهور للدوافع البارزة للحداثة العليا، ويُعَدُّ جورج لوكاش من أهم ممثليه، وللسبب نفسه ينتقد تيري إيغلتون بعض الأفكار ما بعد الحداثية، لكنه ينصفها في بعض الجوانب.
ويمكن أن نضيف موقفًا خامسًا وهو موقف الناقد الأدبي فريدريك جيمسون ذاته، حيث يصف ادعاء ما بعد الحداثة بالنظرة الفصامية تجاه المكان والزمان، والتي قد أفرزتها سيطرة القوى الرأسمالية المتعددة الجنسيات على عصب الحياة المعاصرة.
لا يمكن أن نضع خطابات ما بعد الحداثة في السياسة والفن والأدب والفلسفة في سلة واحدة، ذلك لأنها ليست مدرسة أو مذهبًا يقف تحت راية واحدة، حيث تختلف موضوعاتها وأشكالها في كل خطاب، بل ويختلف تعريفها بين منظّريها، كما يختلف بين نقّادها، وما يعنينا في هذا المقال هو الخطاب الفني.
يقوم الفن ما بعد الحداثي على مقاومة رواية الحداثة الكبرى وسلطة الفن الرفيع، مما يجعله منشغلاً بلغته الخاصة، وتكمن أهميته الكبرى في موقف التساؤل الذي يتخذه من حالة العصر، بل إنه يعيد التساؤل عن معنى الفن ذاته: ما هو الفن؟ من يحكم على ما أقدّمه أنه شيء فني أم لا؟ من أين يَستمد الفنُّ الذي أقدّمه مشروعيتَه؟ يحث ليوتار الفنانين على طرح التساؤلات حول قواعد الرسم أو السرد التي تعلموها ممن سبقوهم، لأنهم سرعان ما سيكتشفون أن هذه القواعد وسيلة للخداع والإغواء والطمأنة، أي تحضهم على البقاء في المساحة الفنية الآمنة، وهذا التساؤل سيجعل رؤيتهم لهذه التقاليد تتغير.
السينما ما بعد الحداثية:
من داخل الخطاب الفني لما بعد الحداثة سيكون التركيز هنا على السينما بالأخص، وقبل أي شيء يجب أن نحدد جيدًا ماذا نقصد عندما نقول «سينما ما بعد حداثية»، فهناك عدة دلالات متداولة بين المنظّرين تقع تحت هذا المصطلح، سأقسمها هنا إلى ثلاثة أقسام، الدلالة الأولى هي دلالة «أيديولوجية» على إنتاج السينما المتماهي مع الرأسمالية المتأخرة وثقافة الاستهلاك، حيث يَستخدم المصطلحَ بعضُ المنظرين على نحو سلبي للإشارة إلى الأفلام الاستهلاكية الحديثة، والدلالة الثانية «قِيَمية» وهي دلالة على الأفلام التي تعكس قيَم ما بعد الحداثة من التجاوز والاختلاف والتعددية الثقافية وغيرها، أما الدلالة الثالثة فهي «نقدية» تنطلق فيها الأفلام من رؤى ما بعد حداثية مفككة ومتشظية، وتعتمد على الانتقاء والمزج والحس النقدي اللاذع للثقافة الاستهلاكية والسياسات العالمية والحالة الاجتماعية في العصر ما بعد الصناعي. تنطلق أفلام روي أندرسون من المنظور الثالث، ومن هذا المنظور ذاته سأتحدث هنا عن السينما ما بعد الحداثية.
في مقال بعنوان «اللا- سينما» يتحدث ليوتار عن الصورة السينمائية التقليدية كونها عملية استهلاك خاضعة لرأس المال، فكل حركة معروضة تحيلنا إلى حركة أخرى، تدون قيمتها في سجل الحسابات الذي هو الفيلم، وتكون هذه القيمة في كونها ترد إلى شيء آخر في مسار متتالٍ له مردود، فالسينما إذن تكتسب القيمة من مجموع حركات لصور متتابعة، ويكون مردود هذه القيمة من خلال موضوع أول وهو الإنتاج، والتي ينجم عنها بعد هذا موضوع آخر وهو الاستهلاك. هذه الصيرورة ليست حركة عقيمة، بل إنها الإنتاج في معناه الشاسع، وليُميِّز ليوتار الحركة العقيمة عن غيرها يضرب مثالاً:
«إن عود الثقاب الذي نفركه يستنفد. فإذا كنت أشعلت به النار التي يتم بها تسخين ماء القهوة التي عليك تناولها قبل الذهاب إلى العمل، فإنّ الاستنفاد ليس عقيمًا، إنه حركة تنتمي إلى دورة رأس المال: بضاعة- عود ثقاب -----> بضاعة- قوة العمل -----> مال- أجر -----> بضاعة- عود ثقاب. لكن حينما يفرك الطفل الرأس الأحمر من أجل أن يرى هباءً، إنه يحب الحركة، يحب الألوان التي تتحول بعضها في بعض، الأضواء التي تمر بذروة شظاياها، موت القطعة الصغيرة من الخشب، ويسمع الأزيز».
يشير ليوتار إلى الفرق بين الآليتين، فبينما الأولى تحمل قيمة ولها مردود، لا يوجد في الثانية قيمة ما إلا الاستمتاع بالفعل ذاته، ففعل الطفل يمكن أن يحسب على الفن لأنه ينتج «سيمولاكر»، والسيمولاكر هو ما لا يقبل التبادل، بل قيمة في ذاته ولذاته، إنه ليس موضوع قيمة يقوَّم من خلال موضوع آخر، بل موضوع استطيقي مستقل. السينما من منظور ليوتار تقدم متعة للمُشاهد من خلال الوحدة السردية والسينماتوغرافية للفيلم، حيث هناك قصة وبطل أو ضحية تدور حولها الحكاية، لكنه يبحث عن هذه الحالة التي يصبح فيها المُشاهد هو الضحية أمام الفيلم، حيث يخرج الفيلم من كونه حالة إنتاج- استهلاك رأسمالية، ويصبح حالة حلم غير خاضعة للهيئة المعتادة، يصبح الفيلم في حد ذاته سيمولاكرًا ينتج قيمة من ذاته ولذاته، ويشير المُنَظِّر السينمائي بيير بورديل بتأكيده أن السينما بعوالمها الصورية المستقلة تقدم النموذج الأمثل لفن السيمولاكر، ويرى جيل دولوز أن تفكك المنولوج الداخلي في السينما المعاصرة كان له قيمة إيجابية في إعطاء السيادة والاستقلالية للصورة، حيث أصبحت مكتفية بذاتها لا تحيل إلى شيء خارجها واختفى منها كل مجاز أو رمز. لم يعد ثمة تناغمات كاملة ومستقرة، بل مجرد تناغمات غير متطابقة وانقطاعات لامعقولة، وأصبحت الصورة متحررة من القيود السردية التقليدية، وبالرغم من تورط الفيلم ما بعد الحداثي في أنماط الإنتاج الرأسمالية بشكل أو بآخر، نجده يستغل وضعه داخل هذا النمط الإنتاجي لكي يشرع بتدميره من الداخل، ويخاطب المستهلكين في المجتمع الرأسمالي بطريقة توصل لهم الوضع الذي يعيشونه الآن.
وبينما تقدم الأعمال الفنية الحداثوية المنظور التفكيكي لذاتية الإنسان وتاريخه بوصفه حدثًا تراجيديًا يثير الحزن والألم، وتحاول أغلب هذه الأعمال القول بأن النتاجات الفنية يمكن أن توفر الوحدة والتماسك والمعنى الذي أخفقت المؤسسات الإنسانية الأخرى في أدائه، فإن الحركات الفنية لما بعد الحداثة لا تنظر بحزن إلى فكرة التفكيك واللاتماسك والوقتية، بل إنها تحتفي بهذه المظاهر، وتدعو إلى الكف عن التظاهر بأن الفن يستطيع أن يصنع المعنى.
لا يوجد نمط واحد تقع تحته كل سينما ما بعد الحداثة، فعلى سبيل المثال، لا تتشابه أعمال جان لوك غودار مع أعمال روي أندرسون في كثير من العناصر، لكن الاثنين يمكن إدراج أفلامهما معًا بوصفها أعمالاً ما بعد حداثية حيث يتفقان في عدد من المنطلقات الأساسية للمنظور ما بعد الحداثي. بعض هذه السمات نجدها في الجدول الذي وضعه إيهاب حسن للتفرقة بين المنظور ما بعد الحداثي والحداثي، ومن السمات ما بعد الحداثية التي أدرجها والتي تتفق مع مجال السينما: معاداة الشكل، اللعب، اللاتمركز، عدم ثبات المعنى، ضد السرد أو الحكاية الصغرى، والسخرية، بالإضافة إلى سمات أخرى وردت عند غيره، مثل: انتقادها المضمر أو الصريح للثقافة الاستهلاكية وحالة العصر ما بعد الصناعي، عدم انفصال الحس السياسي والأخلاقي عن البُعد الجمالي، حرية الاقتباس عن عمل آخر دون أن تكون واعية بدوافع أخرى لهذا الاقتباس أو يكون الاقتباس بقصد التهكم أو «الباروديا»، التماهي بين الخيال والواقع أو الوهم والحقيقة (ونستطيع أن نُعبِّر عن هذا بدقة أكثر في مقولة دريدا: «الوهم أشد رسوخًا من الحقيقة بل إنه متجذر فيها بالدرجة التي يصبح متطابقًا معها ومطابقها تمامًا»)، ونبذ الفن الواقعي، حيث إنه يزعم -كما قال ليوتار- تقديم صورة موضوعية للمجتمع غير مناسبة للعصر الذي غزت فيه الرأسمالية كل مجالات الحياة وسيطرت فيه الصورة على الأصل، في ظل غياب أي مرجع استطيقي، فهذه الواقعية تعمل بمبدأ كل شيء مقبول وترضي جميع الحاجات، مثل الرأسمال، تصبح لها قيمة طالما تمتلك قدرة شرائية.
سينما روي أندرسون:
ينطبق قول أبولينير بأن الفنانين أناس يفتشون بقسوة عن المظاهر اللاإنسانية على روي أندرسون بدقة. تقدم أعمال أندرسون -عدا فيلمه الأول «قصة حب سويدية» (1970)- نموذجًا للحالة الإنسانية في العصر ما بعد الصناعي بأسلوب تجريدي بعيد عن الواقعية. تبدو الحياة في ثلاثية «أن تكون إنسانا» (2020)، «أغنيات من الطابق الثاني» (2000) «أنت، أيها الحي» (2007)، و«حمامة جالسة على غصن تتأمل في الوجود»(2014)، بالأخص شاحبة بدرجة لا تحتمل؛ الأشخاص والمباني والمشاعر والتفاعل الاجتماعي بين الأشخاص، كل هذه الأشياء يعتريها شحوب الموت والبرودة والقتامة. نرى شحوب وجوه الممثلين المطلية بالرمادي كانعكاس للموجودات والآخرين حولهم، في حين أن النمط المعماري في الأفلام يعطي انطباعًا بأن كل شيء مرئي. هناك دائمًا آخر يشاهد ما يحدث.. في أغلب المَشاهد يوجد أشخاص آخرون يشاهدون الحدث من الخلف بعيدًا عن الكاميرا. يترك كل هذا انطباعًا مربكًا للمُشاهد بأنه جزء من هذا، بأنه مشاهِد ومشاهَد في الوقت نفسه، في حين يأتي فيلمه «عن اللانهائية» (2019) بمزيج مختلف بين الألم والأمل، البرودة والدفء، الخير والشر، عدد من التقابلات المتضادة الأكثر تفاؤلًا من ثلاثيته.
يوجد عديد من السمات الأساسية للسينما ما بعد الحداثية في أفلام أندرسون، سأحلل هنا كل مقولة أو سمة منها من خلال أفلامه الأربعة التي ذكرتها مسبقًا.
يظهر بوضوح للمُشاهد معاداة أندرسون للشكل السردي التقليدي للفيلم الطويل، حيث لا نجد في أفلامه خطًا سرديًا واحدًا، كما يوجد حالة من اللاتمركز، فلا البطل ولا القصة ولا شيء محدد بعينه هو محور الفيلم، بل مجرد مَشاهد وشذرات متفرقة وحكايات صغيرة، وقليلاً ما نجد أكثر من مشهدين للأشخاص أنفسهم في الفيلم ذاته. يعتمد أندرسون في بنائه للفيلم على شذرات من أحداث هامشية في حياة أشخاص عاديين، ويحمل كل مشهد بداخله خصوصيته وجماليته الذاتية.
ينتقد أندرسون في إنغمار بيرغمان الاهتمام الميتافيزيقي بوجود إله من عدمه، ثنائية الشك واليقين التقليدية، لذلك نرى الميتافيزيقا في أفلام أندرسون الأربعة تُزاح إلى الهامش، وتحل مكانها سخرية لاذعة أو كثافات لاشخصية يسودها نوع من البهجة كما عبّر ليوتار. في فيلمه «أغنيات من الطابق الثاني» نرى في أحد المَشاهد صالة كبيرة لبيع المنتجات الصناعية، وأحد التجار جالسًا بجوار عددٍ من الصلبان مختلفة الحجم، نجده يتحدث عن كيفية استغلال عيد الميلاد الألفين لبيع هذه الصلبان، لأنه لن يكون لها قيمة سوى بعد ألف عام أخرى، وفي أثناء حديث الرجل نرى جسد المسيح يتأرجح على الصليب على نحو ساخر بعد أن وقع أحد المسامير التي تثبته عليه. ونرى في مشهد آخر مرور مظاهرة لعدد من الناس يجلدون بعضهم بالكرابيج لأن أسهم البورصة انخفضت، ويأتي مشهد بعدها كتتويجٍ ساخر للمشهد السابق حينما يذهب الرجل إلى الكنيسة باكيًا ويسأل القس عن الخطأ الذي ارتكبه ليخسر تجارته ويُجنّ ولده بسبب كتابة الشِعر، فيرد عليه القس بأنه أيضًا يمر بفترة عصيبة لأنه سيخسر مبلغًا كبيرًا من المال وكل هذا بسبب انخفاض وارتفاع الأسهم المخيف. نجد أن عنصرَي الرهبة والجلال المميزين للإلهيّ -كما حلّلهما رودلف أوتو- يتحولان هنا إلى صفتين لأسهم البورصة. نشاهد هذا الشكل من الإزاحة مرة أخرى في مفتتح فيلمه «حمامة جالسة على غصن تتأمل في الوجود»، في المَشاهد المُعَنْونة بـ«ثلاثة مَشاهد مع الموت»، يتحول الموت في هذه المَشاهد من حدث مأساوي إلى موقف ساخر!
نرى هذه السمة على نحو متكرر داخل أفلام أندرسون في مَشاهد عديدة، كما نجد سخريته في شكل باروديا أو مقابسة على نحو تهكمي، مثل مشهد القس الذي فقد إيمانه في «عن اللانهائية» والإطار الساخر الذي يعرضه أندرسون داخله، وكثيرًا ما نجد هذه السمة في الأفلام الحداثية تحمل طابعًا ميتافيزيقيًا مشبَّعًا بالتراجيديا، وربما أشهر مثالَين على هذا نجدهما عند بريسون في «يوميات كاهن القرية»، وعند بيرغمان في «ضوء الشتاء». ويمكن أن نقارن في الإطار نفسه ما بين تعامل أندرسون مع الموت في مفتتح فيلمه «حمامة جالسة على غصن تتأمل في الوجود» وما بين تعامل بيرغمان مع الموت في «الختم السابع». ويتكرر استخدام أندرسون للباروديا على نحو تهكمي في عدد من المَشاهد، كما يستخدمها في أجزاء أخرى لكن هذه المرة ليس بدافع التهكم، مثل المقابسة التي يقوم بها لشعراء ورسامين مختلفين بوعي أو من دون وعي أحيانًا.
يستخدم أندرسون قصيدة لـ«غوته» من ديوانه «مرثيات رومانية» تقول: «أنت، أيها الحي، ابتهج أن الحب يجعلك دافئًا لفترة من الوقت، قبل أن تأتيك موجة ليليث الباردة لتحصد قدمك التي تحلق في الهواء». نجد هذا الجزء من القصيدة في مفتتح «أنت، أيها الحي» وقد اقتبس منها اسم الفيلم ذاته، وللقصيدة عمومًا حضورٌ غير ملموس في تكوين الفيلم، لكنه كان ملموسًا في أحد المَشاهد حينما يمر قطار اسمه ليليث أثناء الصقيع، مثلما يمر صقيع ليليث في قصيدة غوته. نجد أيضًا حضورًا قويًا للشاعر سيزار باييخو في «أغنيات من الطابق الثاني»، فقد ظلت قصيدته تتردد في مواقف عديدة داخل الفيلم.
يحتل أيضًا عددٌ من اللوحات حيِّزًا من لقطات أندرسون المرسومة بدقة، وقد عبّر المخرج عن تأثره بالرسام إدوارد هوبر في أحد حواراته، وإن مَن ينظر إلى لوحات هوبر يدرك مدى تأثيره الكبير في تكوين الكادر عند أندرسون بالفعل، بل إن أندرسون قد جسَّد لوحته «صقور الليل في العشاء» بدقة كبيرة في فيلمه «أغنيات من الطابق الثاني». نرى أيضًا لوحة «فوق المدينة» للرسام مارك شاغال في مفتتح فيلم «عن اللانهائية»، لقطة تحليق العاشقين أعلى إحدى المدن.
وأيضًا نجد أن رؤية أندرسون لبعض اللوحات تشكِّل رؤيته العامة لفيلمه، كما قال ميلدرن بأن فيلم «أغنيات من الطابق الثاني» ولوحة «انتصار الموت» لبيتر بروغل الأكبر يشتركان في تشابهات بنيوية وجمالية، وأن روح الأسلوب المتهكم عند بروغل ذات أهمية حاسمة في بنية نقد أندرسون للتمركز الأوروبي حول الذات والحس الأوروبي وخصوصًا الهوية. يظهر هذا أيضًا في فيلم «حمامة جالسة على غصن تتأمل في الوجود» واستلهامه للوحة بروغل «صيادون في الثلج»، فإن الرؤية الخيالية من علٍ للوجود البشري المتمثلة في الغربان الثلاثة الجالسين على الشجرة فوق الصيادين في مفتتح اللوحة أثرت في رؤية أندرسون للوجود البشري داخل الفيلم.
يأتي الحس السياسي عند أندرسون بأشكال متعددة. في الحوار الافتتاحي لفيلمه «أغنيات من الطابق الثاني» نجده ذا دلالة على حالة العصر الاجتماعية والاقتصادية. يدور حوار بين رجلين حول تصاعد الشركة الاقتصادي وأثر ذلك على المستقبل، فيقول الأول للثاني: «إذا استمر هذا بالصعود سيكون علينا الإغلاق تمامًا؛ ستكون كارثة لكثير من الناس»، ليرد عليه: «وما علاقتنا بذلك؟ سنكون رحلنا»، ويأتي الحس السياسي في أحيان أخرى على نحو تهكمي ضمن المشهد، فنشاهد في الفيلم ذاته اجتماعًا حكوميًا لمناقشة الحالة السياسية والاقتصادية في البلاد، لكن رئيس خبراء كلية الاقتصاد ينسى أوراق الاستراتيجية، في حين يتداول جميع الجالسين بينهم كرة من البلور ينظرون إليها ولا يبدو أحد منهم مكترثًا بما يحدث حوله، وينتبه الجميع فقط عندما يقول أحدهم أن المباني التي أمامهم تتحرك، فتسود بينهم حالة من الهلع ويريدون الهرب من المبنى. ونرى مشهدًا آخر في «أنت، أيها الحي» عندما تكون المرأة راكعة في الكنيسة تدعو الله أن يسامح الكذابين والخادعين والقتلة ومن يحبون تعذيب الناس والذين ليس لديهم ضمير والذين ينمُّون ثوراتهم على حساب الناس والحكومات التي تخفي الحقيقة عن الشعب والصحف والتلفاز الذين يضللون الناس. يدرج أندرسون كل هؤلاء في سلة واحدة في لمحة ساخرة. نعرف أيضًا أن اسم فيلمه «حمامة جالسة على غصن تتأمل في الوجود» هي قصيدة تقولها فتاة صغيرة أثناء الفيلم، لكن الحمامة لا تتأمل في الوجود، بل تتأمل في حقيقة أنه ليس لديها مال.
كما نلاحظ على نحو متكرر تلاشي الحد الفاصل بين الحلم والواقع أو الوهم والحقيقة في أعمال أندرسون الأربعة. نرى هذه الحالة بكثافة في مَشاهد عديدة بأسلوبه التجريدي المميز. نجد مثلاً مشهد عودة الموتى في فيلم «أغنيات من الطابق الثاني»، حين يظهر للرجل صديقه الميت ويجلس معه يحادثه ثم نعرف أثناء الحديث أنه مات منذ زمن، ثم يأتي إليهم شاب شُنِق في الحرب العالمية الثانية على يد النازيين ليسألهم عن أخته، ويظهر كثير من الموتى في مشهد النهاية، كما نرى هذا في المباني التي يراها الجميع تتحرك في الاجتماع الحكومي، وفي «أنت، أيها الحي» نرى مَشاهدَ تأتي في الإطار السردي للفيلم بوصفها مَشاهد مستقلة بذاتها بعد أن يحكي أحدهم أنه رأى حلمًا، مثل مشهد الفتاة التي تحب عازف الجيتار، وسائق العربة الذي يحلم بأنه أُعدم لأنه كسر الخزف الصيني لعائلة ما. ونرى الحلم قبل أن نعرف أن الشخص يحلم مثل مشهد جلد القس وتعذيبه وهو يحمل الصليب في فيلم «عن اللانهائية»، وفي المشهد الافتتاحي للفيلم ذاته نرى شابًا وفتاة مغرمين ببعضها يحلقان أعلى مدينة خربة.
لم تكن استعادة التاريخ عند أندرسون محملة بنوع من الحنين الذي تحدث عنه عدد من المنظرين، لكنها كانت تحمل طابع الباروديا على نحو تهكمي أحيانًا، وفي بعض الأحيان نجده يستعيد الماضي كإثم تحمله البشرية على عاتقها كنوع من التذكير بالجرائم البشعة. لا تحدث استعادة التاريخ في أعماله بوصفه حكاياتٍ وأحداثًا ماضية تم تجاوزها، لكنه يستعيده بوصفه حاضرًا مستمرًا ودائمًا، فنرى هذا في أفلامه على نحو متكرر. في «أغنيات من الطابق الثاني» نرى مشهدًا ساخرًا لجنرال متقاعد معروف بفساده وهو جالس في دار المسنين، يأتي قادة من الجيش ليحتفلوا بيوم ميلاده المائة، وبينما هم يضربون الأبواق بعد الخطاب يقول لهم ارفعوا العلم ويرفع يده بالتحية النازية، في دلالة ساخرة للتذكير بالانحيازات التي قامت بها السويد في الحرب العالمية الثانية لألمانيا وحلفائها بالرغم من كونها إحدى دول الحياد. ويعود أندرسون مرة أخرى في الفيلم نفسه إلى مشهد شنق فتاة روسية وشقيقها على يد النازيين بداعي الانتماء إلى عِرق مختلف. وفي فيلم «عن اللانهائية» نجده يكرر هذا في مشهدَي ترحيل الجنود الروس إلى سجون سيبيريا، وانتظار هتلر الأخير تحت الأرض للموت بعد الهزيمة. نرى أيضًا التماهي الحاصل بين الماضي واللحظة الراهنة في «حمامة جالسة على غصن تتأمل في الوجود» أثناء ذهاب الجيش السويدي إلى معركة بولتافا ودخول الملك إلى المقهى وفرض طلباته على الجالسين وإذلالهم، ثم مشهد عودتهم من الحرب مهزومين وجلوسه على نحو مُذِلٍّ على كرسي منتظرًا الشخص الذي في الحمام أن يخرج لأنه يريد الدخول. وفي الفيلم نفسه عندما يكون العجوز الذي لا يسمع جيدًا في الحانة، في حين يحتل الصمت والكآبة المكان، ثم يعود بالتاريخ إلى الحانة نفسها عام 1943 حينما كان الأشخاص هناك يضحكون ويغنون بالرغم من أن الهولوكوست كان يحدث في الوقت نفسه، ويتكرر هذا أيضًا في مشهد حرق العبيد ومشاهدة الملك لهم وهو من أكثر مَشاهده مباشرة وقسوة في العرض بجوار المشهد الآخر الذي لخص فيه تاريخ الإنسان العاقل الحديث حينما كانت امرأة تتحدث في الهاتف في أحد المعامل العلمية في حين أن هناك قردًا مثبتًا على بعض الآلات التي تصعقه بالكهرباء ونحن نسمع صوت صراخ القرد بوضوح. ويُعَدُّ هذا الشكل الذي يعيد كتابة أو تناول التاريخ من منظور مختلف من أهم سمات ما بعد الحداثة، «فالتاريخ ليس سوى سرد آخر، لا تتميز تراكيبه النموذجية عن التراكيب الروائية، ويرزخ تحت أسر أساطيره ومجازاته وقوالبه النمطية الخاصة غير المحققة (التي غالبًا تستخدم بلا وعي). أما مصادره مهما بدت حيادية أو قائمة على أدلة فليست في النهاية سوى سلسلة أخرى مترابطة من النصوص القابلة للتفسير بعدة طرق، وحتى تفسيراته السببية في وسعنا إثبات كونها مستقاة من حبكات خيالية معروفة، تكررها تلك التفسيرات بالتبعية». لكن التاريخ ليس أولوية الآن؛ الهم الحالي للإنسان هو أن يعيش، ويكسب لقمة عيشه، ويمتع نفسه، ويبيع الشيء بعد أن يضع أمامه صِفرًا أو صفرين، فهو لا يستطيع أن يحمل آثام الماضي ووحشيته وبالتالي يتجاوزه للأمام، ملقيًا إنسانيته وراءه، «فمن الصعب أن تكون إنسانًا».
ضرورة ما بعد الحداثة الفنية:
«إن المعارك التي نشبت حول ما بعد الحداثة (على العكس تمامًا من تلك التي أُثيرت حول الحداثة) تمتعت بسمة مميزة — ويرجع الفضل في ذلك إلى «نشأة النظرية» — ألا وهي طرح الأسئلة الفلسفية الخالدة. إنَّ هذه الجدلية الضمنية العميقة — بين المنطق والشكوكية، وبين الواقع والصورة، وبين قوى الاحتواء والإقصاء السياسية — تقع في قلب فِكر ما بعد الحداثة، وهي جدلية سوف تستمر في الاستحواذ على اهتمامنا لفترة زمنية قادمة».
اختلف كثيرون حول ما بعد الحداثة لأسباب أيديولوجية مختلفة، ما بين مؤيد ومعارض ومنكر لها من الأساس، لكننا لا يمكن أن نتجاهل القيم التي تنادي بها كالاختلاف والتعددية الثقافية وغيرها، والأهمية الأكبر تكمن في الروح المتسائلة والمتشككة التي تحملها، والتي كانت بمثابة شرارة للخروج بالفن من المساحة الفنية الآمنة والتمرد على القواعد السردية والجمالية المتوارثة، ولدينا عديد من النماذج الإيجابية في الأدب والسينما والفوتوغرافيا بالأخص، ونماذج أكثر راديكالية في العمارة والرسم، لكن كلما زاد العمل الفني راديكالية في تفكيك قواعده القديمة، كان بحاجة أكبر للتفاعل النقدي حوله ليضيئه، ويستلزم هذا قدرًا كبيرًا من الوعي النقدي يتجاوز مدرسة الحداثة. يمكنك بكل بساطة أن تشاهد فيلمًا لبيرغمان وتقف على معانيه الداخلية التي تستلزم قدرًا من المعرفة الحياتية والقدرة على التلاقي وجوديًا وجماليًا معه، أما في حالة روي أندرسون أو غودار لن يكون الفيلم للمتلقي العادي سوى جرعة مكثفة من الملل وحالة عبثية من تفكك النص، وهو ما أدى إلى التمازج غير الجيد بين الفن والنخبوية الأكاديمية، فإن النموذج الحداثي يتطلب تأملاً للعلاقات الداخلية فقط، في حين أن ما بعد الحداثي يتطلب تفاعلاً، بل ويطرح أسئلة متشككة حول طبيعة الفن وعلاقة اللغة بالعالم. ويختلف الاثنان هكذا في جوانبهما الاستطيقية، فبينما يقوم الحداثي على مفهوم الجميل، نجد أن ما بعد الحداثي يعتمد على مفهوم الجليل، ففي حالة الجميل يتوافق المدرك الحسي مع المفهوم العقلي عنه وتحدث حالة تناسق تؤدي إلى الشعور باللذة أو السعادة، أما الجليل -على العكس- هو إحساس ينتاب الإنسان عندما يتعرض لخبرة الشعور بشيء ما لا يستطيع التعبير عنه بدقة، لذلك يبقى غير واضح أو محدد المعالم.
تعتمد جماليات ما بعد الحداثة على الجليل لأنه يمنع أي وحدة بين القدرة على الفكر والقدرة على التقديم، وذلك لأنه يعتمد على الأفكار المطلقة التي يستحيل تقديمها، فإنه لا يقدم أي حقيقة أو يضيف معرفة، بل يتم الاستمتاع به على نحو استطيقي خالص، مما يبقيه عملاً ثوريًا لا يمكن إدماجه في سلسلة لانهائية من الأسباب والنتائج. وفي سعي العمل الفني ما بعد الحداثي إلى خرق قواعد الجميل المقبولة لدى الجمهور يصبح عملاً متسمًا بالقبح في نظرهم، لكن هذا القبح يلعب دورًا مهمًا في جماليات ما بعد الحداثة، وهذا كي لا يظن المُشاهد أن المطلق الذي يُشار إليه قد تم تحقيقه أو أن العمل الفني يوضح طريقًا يمكن بها بلوغ ذلك المطلق، مما يتنافى مع مبدئها الأساسي بأن السعي وراء المطلق هو أمر عبثي لا يمكن تحقيقه. وبهذا يتم تفادي فكرة الجميل التي تبقى مُهدَّدَة بأن تصبح جزءًا من العقل الأداتي والفن التجاري الرديء الذي يحاول إرضاء كل الأذواق، والمُهدَّدة أيضًا في ظل نظم الحكم الاستبدادية بتشكيلها وفقًا للمفهوم العقلي عن طريق تطبيق القواعد التي تمليها تلك الأجهزة السياسية مسبقًا عن العمل الفني ورفض أي محاولة لخرق تلك القواعد.
وبهذا تتضح أهمية الذهنية الثورية التي تتسم بها الأعمال الفنية ما بعد الحداثية حين تتعارض مع حالة الأمر الواقع بتساميها عليه وشروعها في تحطيم نظام الأشياء السائد جزئيًا أو كليًا، ويُعد هذا مهمًا في ظل ذيوع وانتشار الأعمال السينمائية المتماهية مع الواقع الاستهلاكي الحالي على نحو أيديولوجي، ولذلك يُعد اتهام السينما ما بعد حداثية بالنخبوية أفضل من انغماسها الكلي في النمط الإنتاجي والقِيَمي السائد حاليًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:الهوامش
ديفيد هوكس، الإيديولوجية، تر: فتحي إبراهيم، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 2000، ص 14
جان فرنسوا ليوتار، الوضع ما بعد الحداثي، تر: أحمد حسان، دار شرقيات للنشر والتوزيع، مصر، 1994، ص: 227
جان فرنسوا ليوتار، المصدر السابق، ص: 324
4 إيان كريب، النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، تر: د.محمد حسين غلوم، مراجعة: د. محمد عصفور، سلسلة عالم المعرفة- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1999، ص: 264
راجع: فريدريك جيمسون، نظريات ما بعد الحديث، من كتاب: مدخل إلى ما بعد الحداثة، إعداد وترجمة: أحمد حسان، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مصر، 1994، ص: (201: 5222
6عنوان محاضرة قدمها هابرماس في أيلول 1980 بمناسبة تسلمه لجائزة آدورنو، وهي افتتاحية لمقدمة كتابه «القول الفلسفي للحداثة».
يتشارد رورتي، هابرماس وليوتار وما بعد الحداثة، من كتاب: ليوتار والوضع ما بعد الحداثي، إشراف وتحرير: د. أحمد عبد الحليم عطية، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مصر، 2017، ص: 7102
جان فرنسوا ليوتار، المصدر السابق، ص: 828
جان فرنسوا ليوتار، في معنى ما بعد الحداثة: نصوص في الفلسفة والفن، تر: السعيد لبيب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- المغرب، 2016، ص: 969
مديحة دبابي، ما بعد الحداثة، من كتاب: خطابات الـ "ما بعد".. في استنفاد أو تعديل المشروعات الفلسفية، إشراف: علي محمود المعبداوي، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2013، ص: 136- 10137
محمد سبيلا، الحداثة وما بعد الحداثة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء- المغرب، ط2، 2007، ص: 1170
راجع: تيري إيجلتون، أوهام ما بعد الحداثة، تر: د.منى سلام، مركز اللغات والترجمة- أكاديمية الفنون، مصر، 122000
محمد الشيخ، ياسر الطائري، مقاربات في الحداثة وما بعد الحداثة: حوارات منتقاة من الفكر الألماني المعاصر، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 1996، ص: 1311
يضع د. بدر الدين مصطفى تقسيمًا ثنائيًا يعتمد النقطة الثانية والثالثة التي ذكرتهما، لكن المنطلق في النقطة الثالثة التي أبني عليها المقال يختلف بعض الشيء عن النقطة التي أحاول تقصيها هنا، راجع: بدر الدين مصطفى، دروب ما بعد الحداثة، مؤسسة هنداوي سي آي سي، المملكة المتحدة، 142018
جان فرنسوا ليوتار، في معنى ما بعد الحداثة، المصدر السابق، ص: 93- 1596
جان فرنسوا ليوتار، في معنى ما بعد الحداثة، المصدر السابق، ص: 97- 16102
جان فرنسوا ليوتار، في معنى ما بعد الحداثة، المصدر السابق، ص: 1798
بدر الدين مصطفى، المصدر السابق، ص: 1890
19 بدر الدين مصطفى، المصدر السابق، ص: 119
ليندا هتشيون، سياسة ما بعد الحداثية، تر: د.حيدر حاج إسماعيل، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009، ص: 20236
ماري كليجز، المفاهيم الأساسية لما بعد الحداثة، من كتاب: ما بعد الحداثة: دراسات في التحولات الاجتماعية والثقافية في الغرب، تر: د. حارث محمد حسن- د. باسم علي خريسان، دار الروافد الثقافية ناشرون- لبنان، ابن النديم للنشر والتوزيع- الجزائر، الطبعة الأولى 2018، ص: 2125
كيجي أوكازاكي، تطور ما بعد الحداثة الأمريكية عبر إيهاب حسن، من كتاب: إيهاب حسن.. أوديب أو تطور ما بعد الحداثة (حوارات ودراسات)، إعداد وترجمة: السيد إمام، دار شهريار، العراق، 2018، ص: 2261
23 د. محمد بكاي، أرخبيلات ما بعد الحداثة: رهانات الذات الإنسانية من سطوة الانغلاق إلى إقرار الانعتاق، دار الرافدين، لبنان/كندا، 2017، ص: 23
جان فرنسوا ليوتار، في معنى ما بعد الحداثة، المصدر السابق، ص: 2449
25راجع: رودلف أوتو، فكرة القدسي، تر: جورج خوام البولسي، دار المعارف الحكمية، بيروت، 2010
26Megan Ratner, The “Trivialist Cinema” of Roy Andersson: An Interview, Film Quarterly journalism, 2015
27 بوب هانك، ثلاثية العيش لروي أندرسون وبرهان السينما لجان لوك نانسي، تر: كريم محمد، منصة معنى، 2020، ص: 9
معركة بولتافا هي جزء من حرب الشمال العظمى بين قوات روسيا القيصرية بقيادة بيتر الأول والإمبراطورية السويدية ووقعت أحداثها في 8 يوليو 281709
كريستوفر باتلر، ما بعد الحداثة: مقدمة قصيرة جدًا، تر: نيفين عبد الرؤوف، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2016، ص: 36-2937
30جملة قالها أحد الممثلين في سياق فيلم أغنيات من الطابق الثاني
كريستوفر باتلر، المصدر السابق، ص: 31129
32تعود التفرقة بين مفهومَي الجميل والجليل إلى القرن الثالث الميلادي، لكنها انتشرت في القرن الثامن عشر، وقد ساهم كانط في كتابه «نقد ملكة الحكم» بوضع تحليل أوسع للمفهومين، لمزيد من التوضيح راجع: زكريا إبراهيم، كانت أو الفلسفة النقدية، مكتبة مصر، القاهرة، 1963، الفصل السابع: نقد الحكم الجمالي، ص: (229: 273)
33عمرو أمين، قراءة لمفهومي الجميل والجليل من منظور ما بعد حداثي، من كتاب: ليوتار والوضع ما بعد الحداثي، مصدر رقم (5)، ص: (203 :211)